خلاصة تجربة المراكز 13/ 2012: تعكس إعاقة خطيرة على مستوى التصور والمقاربات
الحدث
في سياق تفعيل العدة الجديدة الخاصة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والتي تجاوزت 2400 صفحة اعتمد فيها تنظيريا على الرياضيات « L’isomorphisme » والعلوم بما فيها الإنسانية لتوظيف ما سمي بالأنموذج "تطبيقي- نظري - تطبيقي"... أنهينا هذه السنة التكوينية بتقييم الأساتذة المتدربين بتقديمهم درسا من اختيارهم بقرعة أمام لجنة خاصة في وضعية ممسرحة بدون تلاميذ في مدة تقل عن 20 دقيقة من مجموع 45 دقيقة خصصت لكل متدرب يناقش فيها في ما سمي "التبصر", مع العلم أنه أعد جذاذتين مسبقا إحداهما باللغة العربية والأخرى باللغة الفرنسية مستعينا بالوثائق الضرورية في صبيحة اختبارية محروسة.
النتيجة:
قدم المتدرب درسا كما يقدم مؤلف ومخرج مسرحية معينة بدون ممثلين ولا ديكور مسرحي ولا حتى سينوغرافيا ولا جمهور. فلا هي وضعية مهنية ولا هي وضعية ممهنة بل وليست حتى وضعية إذا للوضعية من صفة وأسس علما أن العدة الجديدة قالت ب60% تطبيقات في منظور تطبيقي – نظري- تطبيقي كما لو أن الأمر يتعلق بعدد الساعات التي يقضيها المتعلمين في المركز وخارجه مما نتج عنه:
1- امتلاء الملف الشخصي للطالب الأستاذ المتدرب بالمطبوعات والنسخ بارتجالية وعشوائية اشتغل فيها كما الصائم الذي يعد طاولة الإفطار بشراهة وشهية متعطشة تنتهي مباشرة بعد تناوله كأس حليب وشيء من الثمر وقليل من ما يملئ الطاولة.
إنها ثقافة الحشو أو التخمة التي تميز المجتمع القديم بحيث المنزل ممتلئ بالأفرشة والمطبخ ممتلئ بوسائل الطبخ كما لو أنه متجر والجدار ممتلئ بالزليج الممتلئ بالزخارف والكأس الممتلئ بالزخرفة مملوء بالشاي والصحن الممتلئ بالزخرفة ممتلئ بالحلوى أو الكسكس...الخ
2- إعداد البحث شخصي بشكلية تكرس الوضع القائم والمقاربات التقليدية في نمطية فيها من عمل على تجديد تلفيفها في أحسن الأحوال... ويعود هذا إلى ثقافة " قم بما يريحك لتنهي السنة بسلام"
وهكذا يبقى الإبداع والتجديد كلام جميل يردد هنا وهناك لينتهي في "للأسف أن الغربيين أعدوا لهذا ولهم كذا وكذا و..." بحيث لاحظت شخصيا أن التجديد يفزع الفاعلين في وعيهم وفي لا وعيهم ويتيه بهم في ما بين ذلك أي في Le subconscient وطبعا يعود هذا إلى طبقية المعرفة المنتصبة في عقول الفاعلين وسذاجة العلمية عند الذي يكتب عددا بأصبعه للاحتفاظ به خلال عملية جمع النقط ذهنيا.
3- إعداد المشروع الشخصي الذي تلقى فيه المتدرب إخبارا من حيث التسميات والأنواع - ولا أقول تكوينا - في ظل فقر مفهوم وتقنيات المقاربة المشروعاتية بما يعنيه من داخل البعد الإستراتيجي تصاعديا وانعدام ثقافة المشروع. إن هذا يكرس حلم اليقظة في غير سياقه الثقافي والذي غالبا ما ينتهي ميدانيا بتعليق الفشل على ما يردد هنا وهناك كانعدام الشروط ولا إرادية المسئولين و ... و...
ملاحظات وتوجيهات:
صحيح أن المدرس عامة والمكون خاصة يفترض فيه أن يحافظ على معايير عالية في المهنية وأن يكون مسئولا أمام المجتمع ولكن لتحقيق هذه الغاية فإن الأمر كان يحتاج إلى إشراك حقيقي وليس وفقط لإضفاء الشرعية لخيارات تمت بمزاجية... وذلك لأجل بناء الثقة والتيقن بأن معاييره المهنية وتطوير المهنية له صلة وطيدة بمهنته وقابل للبناء المفتوح على التحولات والأجيال الصاعدة.
فعلاوة على الاندفاعية في إخراج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ثمة إشكالية تعود بنا إلى الحكامة في مسألة التعاقد وخصوصا في نقطة تطوير النموذج البيداغوجي الذي يسجل فيه غياب التصور البديل لبيداغوجيا الإدماج وفي هذا ما يمس بجوهر المقاربة الكفاياتية ذاتها ذلك أنها ستبقى بدونها عند عتبة المدرسية كما لو أنها ليست سوى تفعيلا امثلا للتدريس بالأهداف.
وطبعا إن هذا يفقد المقاربة بالمشروع رسالتها التربوية والتعلمية والتكوينية ويبعد المدرسة عن وظيفيتها.
ومن هذا المنطلق فإن السؤال الذي يطرح هو:
عن أي مدرسة مغربية يتحدثون منذ السيدة العابدة وعن أي تصور جامعي يتحدث السيد الداودي وعلى أي مرجعية استند السيد الوفا ولو حتى إيديولوجيا ؟؟؟
وعموما إن الإشكالية تحتاج على المدى المفتوح إلى إعادة النظر في المدرسة وهويتها التي يمكن بها أن نتحدث عن مجتمع المعرفة المغربي وعن اقتصاد المعرفة خاصة وان الأمر فيه شأن دستوري تجاوز الميثاق الوطني بحيث أن البرنامج الحكومي عرض سياسة الحكومة في مجال التربية والتكوين بالاستناد إلى الميثاق الاجتماعي الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كما أن عشرية الصلاح قد انتهت سنة 2010 ... ولو أني لست مع هذا الدستور على مستوى المقاربة بما سجلته عبر الصحف الوطينة والدولية. ولكن الديمقراطية تستدعي احترامَ الأغلبية ودعم أي مبادرة إصلاح.
كما أن الإشكالية تحتاج على المدى الآني والأقرب إلى إعادة النظر في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين كونها وحدها القادرة على حصر النزيف في أفق إعداد رسيمة ملامح مدرسة مغربية تستحق تسميتها. فأما عن هذه العدة فإنها لا تحتاج إلى أكثر من 2400 صفحة ولا تحتاج إلى الرحلات المكوكية... بقدر ما تحتاج إلى تمكين المكون من تقنيات تنمية شجرة تكوينية بمهنية تجعل المتدرب قادرا على تنمية شجرة معارف كفاياتية عند المتعلمين.
وعلى ذكر الشجرة ككيان كيميائي كبير وكمنتج لفوائد متعددة فإن الملاحظ في الفاكهة المعرفية التي جاء بها المتدرب والتي عمل على توظيفها عكست بشكل واضح إعاقة خطيرة جدا على مستوى الديداكتيك والبيداغوجيا بحيث أنه في ظل المفهوم السائد للصورة بشكل خاص وللتربية الفنية بشكل عام تبين من خلال النصوص والقراءة الوظيفية في اللغة العربية والقراءة التوثيقية Documentaire على أن المتعلم وكأنه يتعلم على نحو أعمى à l'aveuglette بما أفقد الرسالة النبيلة لهاتين القرآتين والتي يفترض أن يتم التركيز عليهما في هذا العصر ولأجل المستقبل.
طبعا إن هذا يطرح إشكالية المفهوم والسياق للقراءة في عصر المعلوميات التي بدورها تفتقر إلى المعرفة التشكيلية في التصميم والهندسة عند المكونين لتصبح الإشكالية كما الدمى الروسية.... وفي هذا حديث يصعب تفهمه من طرف المتعصبين في العلوم سواء منها الإنسانية أو الأخرى كما أنه يصعب تقبله من طرف اللغويين النمطيين. إنه الشيء نفسه في الرياضيات وفي العلوم...